من المسؤول عن ازمة الغذاء؟

من المسؤول عن ازمة الغذاء؟

lundi 1 septembre 2008


المعطلون عن العمل... أيّ مطالب؟



أثارت النضالات والاحتجاجات الجارية منذ بداية شهر جانفي في مدن الحوض المنجمي بقفصة، من جديد ملف البطالة بشكل عام وبطالة أصحاب الشهادات بشكل خاص، وإذا كان الوعي حاصلا عند أغلب المعنيين بالنضالات الاجتماعية بكون البطالة هي نتيجة "منطقية" للاختيارات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، فإن الجدال لازال خافتا حول التفكير في مستقبل هذه الحركة الاحتجاجية وكيفية الارتقاء بأدائها من زاويتين: زاوية أشكال التنظيم وزاوية المطالب المباشرة التي يجب أن ترفع.
1 – حول أشكال تنظيم المعطلين:
بدأ النقاش حول هذه المسألة في صفوف المعطلين منذ نهاية التسعينات حين بدأت ظاهرة بطالة أصحاب الشهادات في البروز كحالة تشمل عددا بدأ يتضاعف كل سنة نتيجة للخيارات النيوليبرالية المتبعة التي تقتضي التخلي التدريجي للدولة عن أعباء التشغيل وخاصة فيما أصبح يسمى "القطاعات غير المنتجة" مثل التعليم والصحة... وعوض أن تلجأ الدولة إلى الاحتكام إلى معايير موضوعية في الانتداب الآخذ في التضاؤل، أخضعت كل انتداب إلى مناظرة وأهم هذه المناظرات هي "الكاباس" التي خـُلقت كآلية لتقنين الاستثناء والإقصاء لأسباب سياسية وأمنية مما خلق "جيشا" من الضحايا أصبح يفكر في الاحتجاج والرفض. ومنذ بداية العقد الحالي ظهرت بعض الأشكال كـ"الرابطة التونسية لأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل" وهي أشكال وإن خلقت بعض البؤر الاحتجاجية، فإنها لم تتجاوز أمراض الحركة الجمعياتية في بلادنا من جهة النخبوية والمناسباتية في النضال. النخبوية تبرز في انتماء منشطي هذه المبادرات إلى نخبة الشباب المسيس في الجامعة والذي وجد نفسه مقصيا في الحق في الانتداب لأسباب سياسية وأمنية ولم تتحول هذه الأشكال في الغالب إلى حركة جماهيرية واسعة تشمل المعنيين بالأمر أو جزءا مهما منهم. لذلك بقي نضالها موسميا وارتهن إلى مبادرات فردية تنتهي بانتهاء حماسة هؤلاء الأشخاص.
إن المعضلة في تقديرنا تعود في جانب منها إلى كيفية إبداع هذه الأشكال التنظيمية: هل تبعث من فوق أي أنها محكومة بوعي عدد محدود من الأشخاص؟ أم هي تبعث في معمعان النضال الجماعي الذي يمكن أن يقوده ويؤطره هؤلاء الأشخاص النوعيون؟
إن مشكل لجان العاطلين في تونس يتمثل في كونها ولدت ونشأت منعزلة عن حركية ما في "قاع المجتمع". فهذه اللجان محكوم عليها بالفشل إن لم تكن نتاجا لحركية نضالية أو هي وجدت لتخلق هذه الحركية، أما إذا بقيت منفصلة عن هذه الحركية فإن مآلها سيكون الجمود والتآكل إن لم نقل الأفول والاندثار وهو المصير الذي عرفته "الرابطة" و"المجموعة الوطنية" ويعانيه اليوم "اتحاد المعطلين". والمصير المعاكس، أي الفعل والتأثير هو ما تعرفه اليوم لجنة قفصة وتحديدا لجان الرديف وأم العرايس لأنها منخرطة في النضال ومساهمة في قيادته وتأطيره (الرديف) وهي عموده الفقري وعنوانه الأبرز (أم العرايس). إن أشكال التنظيم الفاعل عند المعطلين يجب أن تكون منصهرة في المشكل المطروح ومعبرة بقوة عن تطلعات ضحاياه وقادرة على تنظيم الحركة الاحتجاجية وقيادتها وذلك عبر إيجاد الآليات المرنة لتنظيم المعنيين وإلحاق أغلبهم بالحركة. فالمعطلون يكتسبون الشرعية كحركة من خلال الاحتجاج والنضال المباشر، ولأجل ذلك فهم يبدعون كل الأشكال التنظيمية الأفقية التي تعبّأ أغلبهم في هذه المعركة، فليس الشكل العمودي الكلاسيكي هو المعتمد الآن (اتحاد واحد أو منظمة أو جمعية) بل الأشكال المتنوعة (لجان، جمعيات، تنسيقات، منشورات...) هي التي أثبتت جدواها وهو ما أثبتته عديد التجارب وأهمّها التجربة المغربية الرائدة في هذا المجال، فالمعطلون المغاربة أبدعوا عديد الأشكال التنظيمية مثل التنسيقات الوطنية والجهوية واللجان والأطر الفرعية الخاصة بالدكاترة أو خريجي العلوم/الآداب/الهندسة... أو فاقدي البصر... ويتم النشاط الاحتجاجي غالبا بالتنسيق بين أكثر من إطار وأحيانا تتم الدعوة لنشاط وطني يشارك فيه الجميع ويرتبط ذلك ببعض المناسبات والمواعيد.
إن الوقت الضائع لمناقشة ما هو الشكل المناسب لحركة المعطلين في تونس، كان يمكن أن يكون مجديا لو تركت الفرصة للجمهور لإبداع أشكاله التنظيمية المحلية والجهوية والوطنية والقطاعية، فمن شأن خلق حالة نضالية توفر شروط الفرز والتقدم في اتجاه التنسيق أو الوحدة.
إن المنظمات الجماهيرية لا تبنى من فوق بل تكون استجابة لحاجة جماعية هي التنظم. وهذا لا يعني التنظير للعفوية بل هو تأكيد على الطابع الجماهيري القاعدي المنفتح لهذه الأطر. وبقدر اتساع هذه المنظمات تكون فاعلة ومؤثرة. ويزداد فعلها عمقا كلما تسلحت ببرامج ومطالب واضحة.
2 - ما هي مطالب المعطلين؟
حركة المعطلين هي حركة مطلبية في الأساس. فالدافع الأساسي للانخراط في هذه الحركة هو السعي للحصول على شغل. وإلى حين الحصول على شغلن على حركة المعطلين أن تعبر عن مشاغل ومطالب منظوريها. هذه المطالب متنوعة ومتعددة، ويجب التركيز على المطالب المباشرة التي لا تحتمل التأجيل،. وبخصوص لجان المعطلين في بلادنا يمكن التركيز على لائحة المطالب التالية:
أ – من أجل منحة بطالة لكل معطل عن العمل: ويمكن أن تكون هذه المنحة جراية تعادل الأجر الأدنى (السميق). إن الحصول على هذه المنحة التي حققها معطلو أوروبا منذ عقود، هو اعتراف من الدولة بمسؤوليتها تجاه هؤلاء الأفراد وبحقهم في الكرامة والحياة في انتظار الحصول على شغل. ومن شأن هذه المنحة توفير الحد الأدنى للعاطل وحمايته من الانحراف والتشرد.
ب – الحق في العلاج المجاني: للمعطل الحق في دفتر علاج مجاني. وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية قد قررت منذ عامين إسناد هذا الدفتر للحالات الاجتماعية الخاصة (يتم، فقر مدقع، إعاقة، أمراض مزمنة...) وذلك لمدة عام فقط قابل للتجديد. المطلب الجماعي للمعطلين يجب أن يكون من أجل تعميم الدفتر على جميع المعطلين طيلة فترة بطالتهم.
ج – الحق في النقل المدعوم: من حق العاطل التمتع بتعريفة خالصة النصفdemi tarif في الخطوط الداخلية داخل المدن والولايات وذلك على الخطوط البرية (الحافلات) والحديدية ’المترو والقطار)، وخالصة الربع في الخطوط الوطنية وبين المدن. وبهذا الشكل يمكن للمعطل التنقل بأقل صعوبة علما وأن التذاكر المجانية تمنحها لجان التنسيق وهياكل التجمّع (الحزب الحاكم) لأتباعها حتى من الأثرياء (نواب في البرلمان، أعضاء لجنة مركزية...) ويحرم منها أبناء الشعب من المفقرين والمعطلين.
د – الحق في مجانية المناظرات: قبل سنتين كانت المشاركة في المناظرات مجانية نسبيا إذ كانت المعاليم مقابل عدد كبير من الوثائق والتنقل إلى المدن الكبرى والعاصمة. واليوم زيادة على ذلك أصبح لزاما على كل مشارك في أي مناظرة أن يقتطع طابع جبائي خاص قيمته 10 دنانير وهو عبء جديد لا تحتمله طاقة المعطل الذي يشارك في عدد كبير من المناظرات كل سنة. وهو مصدر جباية كبير للدولة إذ أن المشاركين في المناظرات يعدّون بعشرات الآلاف.
إن من حق المعطلين المشاركة في المناظرات مجانا مع تمتيعهم بالتذاكر المجانية للتنقل والإقامة، وهو مطلب عادل ومشروع.
إن هذه المطالب هي مطالب ملحة. ومن شأن التوحد حولها إعطاء دفع هام لحركة المعطلين التي آن الأوان كي تتجاوز عوائقها وتخلق حالة نضالية عامة وعارمة تشمل كل جهات تونس. إن المعطلين إذا ما نظموا أنفسهم ونزلوا للشوارع لن توقفهم أي قوة مهما تجبرت. وهذه الحركة إن أعلنت عن نفسها كحركة قائمة بذاتها سيكون لها الكلمة الفصل في مستقبل الحركة الاحتجاجية في بلادنا. إن البطالة تشمل اليوم إلى جانب خرّيجي الجامعة، الآلاف من ضحايا الطّرد التعسفي والتسريح الجماعي والآلاف من ضحايا المناولة والأشغال الهامشية ومن خريجي مدارس التكوين المهني... إن عديد التقديرات المستقلة تشير إلى أن ربع السكان النشيطين في حالة بطالة (بين 25 و30 بالمائة) وهو رقم مفزع... فهلا رفع المعطلون صوتهم ونزلوا للميادين التي تنظرهم؟


Aucun commentaire: